| ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) الإثنين سبتمبر 07, 2009 12:17 pm | |
|
ولادة الإمام الحسين (عليه السلام)
اسمه ونسبه وكنيته (عليه السلام):
الإمام أبو عبد الله، الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطّلب (عليهم السلام).
ألقابه (عليه السلام): الرشيد، الطيّب، السيّد، الزكي، المُبارك، التابع لمرضاة الله، الدليل على ذات الله، السبط، سيّد شباب أهل الجنّة، سيّد الشهداء، أبو الأئمّة.
تاريخ ولادته ومكانها (عليه السلام): 3 شعبان عام 4 هـ، المدينة المنوّرة.
أُمُّه (عليه السلام): السيّدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).
مدّة حمله (عليه السلام): كانت مدّة حمله ست أشهر، ولم يولد لستة أشهر إلاّ عيسى ابن مريم والحسين (عليهما السلام).
رؤيا أُمّ الفضل: رأت أُمّ الفضل بنت الحارث في منامها رؤيا غريبة لم تهتدِ إلى تأويلها، فهرعت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) قائلة له: رأيت حلماً مُنكراً، كأنَّ قطعة من جَسدِك قُطعت وَوُضعت في حِجري؟!
فأزاح النبي (صلى الله عليه وآله) مخاوفها، وبشَّرها بخير قائلاً: (خيراً رأيتِ، تَلد فاطمةُ غلاماً فيكون في حِجرك)، فولدت فاطمة الحسين (عليه السلام) فقالت: وكان في حجري كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
إخبار النبي (صلى الله عليه وآله) بقتله (عليه السلام): قال الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّ جبرائيل (عليه السلام) نزل على محمّد (صلى الله عليه وآله)، فقال له: يا محمّد إنّ الله يبشّرك بمولود يولد من فاطمة، تقتله أُمّتك من بعدك، فقال: (يا جبرائيل وعلى ربّي السلام، لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة، تقتله أُمّتي من بعدي)، فعرج ثمّ هبط (عليه السلام) فقال له مثل ذلك.
فقال (صلى الله عليه وآله): (يا جبرائيل وعلى ربّي السلام، لا حاجة لي في مولود تقتله أُمّتي من بعدي)، فعرج جبرائيل (عليه السلام) إلى السماء ثمّ هبط فقال: يا محمّد إن ربّك يقرئك السلام، ويبشّرك بأنّه جاعل في ذرّيته الإمامة والولاية والوصية، فقال: (قد رضيت).
ثمّ أرسل (صلى الله عليه وآله) إلى فاطمة (عليها السلام): (أن الله يبشّرني بمولود يولد لك، تقتله أُمّتي من بعدي )، فأرسلت إليه: (لا حاجة لي في مولود، تقتله أُمّتك من بعدك)، فأرسل إليها: (أن الله قد جعل في ذرّيته الإمامة والولاية والوصية)، فأرسلت إليه: (إن قد رضيت) (2).
بكاء النبي (صلى الله عليه وآله) عند ولادته (عليه السلام): لمَّا بُشِّر الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بسبطه المبارك، خفّ مسرعاً إلى بيت بضعته فاطمة (عليها السلام) وهو ثقيل الخطوات، وقد ساد عليه الحزن، فنادى: (يَا أسماء، هَلُمِّي ابني).
فَناولَتهُ أسماء، فاحتضنه النبي (صلى الله عليه وآله) وجعل يُوسعه تَقبيلاً وقد انفجر بالبكاء، فَذُهِلت أسماء وانبرت تقول: فِداك أبي وأُمّي، ممّ بكاؤك؟!
فأجابها النبي (صلى الله عليه وآله) وقد غامت عيناه بالدموع: (على ابني هذا)، فقالت: إنّه وُلد الساعة !!.
فأجابها الرسول (صلى الله عليه وآله) بصوت متقطّع النبرات حزناً وأسىً قائلاً: (تَقتُلُه الفِئةُ البَاغية من بعدي، لا أنَالَهُمُ اللهُ شفاعَتي).
ثمّ أَسَرَّ إلى أسماء قائلاً: (لا تُخبري فاطمة، فإنّها حديثة عهد بولادة ...) (3).
مراسيم ولادته (عليه السلام): أجرى النبي (صلى الله عليه وآله) بنفسه أكثر المراسيم الشرعية لوليده المبارك، فقام (صلى الله عليه وآله) بما يلي:
1ـ الأذان والإقامة: فأذّن (صلى الله عليه وآله) في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى.
وجاء في الخبر: أنّ ذلكَ عِصمةٌ للمولود من الشيطان الرجيم.
2ـ التسمية: فَسمَّاه النبي (صلى الله عليه وآله) حُسَيناً، كما سَمَّى أخاه حَسَناً.
ويقول المؤرّخون لم تكن العرب في جاهليتها تعرف هذين الاسمين حتّى تُسَمِّي أبناءهم بهما، وإنّما سَمَّاها النبي (صلى الله عليه وآله) بهما بوحي من السماء.
3ـ العقيقة: وبعدما انطوت سبعة أيّام من ولادة الحسين (عليه السلام) أمر النبي (صلى الله عليه وآله) أن يُعَقَّ عنه بِكَبش، ويُوزَّع لحمه على الفقراء، وكان ذلك من جملة ما شرّعه الإسلام في ميادين البِرِّ والإحسان إلى الفقراء.
4ـ حَلْق رأسه: وأمر النبي (صلى الله عليه وآله) أن يُحلَقَ رأس وليده، ويُتَصَدَّق بزِنَتِهِ فضّة على الفقراء ـ وكان وزنه كما في الحديث درهماً ونصفاً ـ، وطلى رأسه بِالخَلُوق، ونهى عمّا كان يفعله أهل الجاهلية من طلاء رأس الوليد بالدم.
أقوال الشعراء فيه: نذكر منهم ما يلي: 1ـ قال الشيخ محمّد جواد البلاغي في ولادته (عليه السلام) :
شعبان كم نعمت عين الهدى فيه ** لولا المحرم يأتي في دواهيه
وأشرق الدين من أنوار ثالثه ** لولا تغشاه عاشور بداجيه
وارتاح بالسبط قلب المصطفى فرحاً ** لو لم يرعه بذكر الطف ناعيه
رآه خير وليد يستجار به ** وخير مستشهد في الدين يحميه
قرّت به عين خير الرسل ثم بكت ** فهل نهنيه فيه أم نعزّيه
إن تبتهج فاطم في يوم مولده ** فليلة الطف أمست من بواكيه (4).
2ـ قال شاعر آخر بالمناسبة:
بدر تألق في سما العلياء ** ذاك الوليد لفاطم الزهراء
أرج يفوح على الدنى ميلاده ** فيه الوجود معطر الأرجاء
وبه الرسول قد أحتفى مستبشراً ** طلق المحّيا مفعم الاحناء
ولحيدر زفّت بشائر عيده ** أكرم بمولد سيّد الشهداء
غذّاه أصبعه الشريف لبانة ** حتّى ارتوى من أعذب الارواء
3ـ قال شاعر آخر بالمناسبة:
في شهرِ شعبانٍ وُلِدتَ فأزهَرَتْ ** كلُّ الشهورِ ومِن سناكَ تنوّرت
شمسٌ ولم يدري الكسوفَ ضياؤها ** زانتْ لمطلَعِها النجومُ وكبّرتْ
صلى عليكَ اللهُ في قُرآنهِ ** والأرضُ بالشرفِ الوليدِ تطهّرتْ
أنتَ الملاذُ الملتجى وسفينُنا ** إذ للنجاةِ نرى السفينةَ أبحرَت
يا ساعةً وُلِدَ الحسينُ بها إذا ** حانتْ وقُدرتُهُ الإلهُ بها جَرتْ
ــــــــــــ
1ـ الإرشاد 2/129.
2ـ الكافي 1/464.
3ـ أُنظر: روضة الواعظين: 154.
4ـ أعيان الشيعة 4/256.
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: حُبّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) للحسين ( عليه السلام ) الإثنين سبتمبر 07, 2009 12:19 pm | |
|
حُبّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) للحسين ( عليه السلام )
إن للإمام لحسين ( عليه السلام ) موقعاً رساليّاً تَميَّز به عن سائر أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) ، وجعلَ منه رمزاً خالداً لكل مظلوم .
وليس عبثاً قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في حقِّه ( عليه السلام ) : ( إِنَّ لَهُ دَرجة لا يَنَالُها أحدٌ مِن المَخلوقِين ) .
وقد توالت أقوال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في وَصف مقام الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وموقعه الرفيع من الرسالة ومنه ، ومدى محبَّة النبي لسبطه الحسين ( عليه السلام ) ، ومن هذه الأقوال ما يلي :
أولاً : عن يَعلى بن مُرَّة ، قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( حُسَينٌ مِنِّي وأنا مِن حُسين ، أحَبَّ اللهُ مَن أحبَّ حُسَيناً ، حُسينٌ سِبْطُ مِن الأسْباط ) .
ثانياً : عن سلمان الفارسي ، قال : سمعتُ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول : ( الحسن والحسين ابناي ، من أحبَّهما أحبَّني ، ومن أحبَّني أحبَّه اللهُ ، وَمَن أحبَّه الله أدخله الجنة ، ومن أبغضَهُمَا أبغضَني ، ومن أبغضَني أبغضَه الله ، وَمَن أبغضه الله أدخلَه النَّار عَلى وجَهه ) .
ثالثاً : عن البَرَّاء بن عازب ، قال : رأيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حاملاً الحسين بن علي ( عليهما السلام ) على عاتقه وهو يقول : ( اللَّهُمَّ إِنِّي أُحبُّهُ فَأحِبَّه ) .
رابعاً : عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، قال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا دخل الحسين ( عليه السلام ) اجتذبه إليه ، ثم يقول لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( أمْسِكه ) .
ثم يقع ( صلى الله عليه وآله ) عليه ، فيُقبِّله ويبكي .
فيقول ( عليه السلام ) : ( يَا أبَه ، لِمَ تبكِي ) ؟!!
فيقول ( صلى الله عليه وآله ) : ( يا بُنيَّ ، أقبِّل موضع السيوف منك وأبكي ) .
فيقول ( عليه السلام ) : ( يا أبه ، وأُقتَل ) ؟!!
فيقول ( صلى الله عليه وآله ) : ( إي والله ، وأبوك وأخوك وأنت ) .
فيقول ( عليه السلام ) : ( يا أبه ، فمصارعُنا شتَّى ) ؟!!
فيقول ( صلى الله عليه وآله ) : ( نعم ، يا بُنيَّ ) .
فيقول ( عليه السلام ) : ( فمن يزورنا من أمتك ) ؟
فيقول ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا يزورني ويزور أباك وأخاك وأنت إلا الصدِّيقون من أمَّتي ) .
خامساً : عن ابن عباس ، قال : لمَّا اشتدَّ برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) مرضه الذي توفِّي فيه ، ضمَّ الحسين ( عليه السلام ) ، ويسيل من عرقه عليه ، وهو يجود بنفسه ويقول : ( مَا لي وَلِيَزيد ، لا بَارَكَ اللهُ فِيه ، اللَّهُمَّ العَنْ يزيد ) .
ثم غُشي عليه ( صلى الله عليه وآله ) طويلاً .
ثم أفاقَ ، وجعل يقبِّل الحسين ( عليه السلام ) وعيناه تذرفان ويقول : ( أما إن لي ولقاتلك مقاماً بين يدي الله عزَّ وجلَّ ) .
وأخيراً : ندرك كيف كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يهيِّئ ولده الحسين ( عليه السلام ) لدور رسالي فريد ، ويوحي به ويؤكِّده ، ليحفظ له رسالته من الانحراف والضياع .
ولذا نجد أن سيرة الإمام الحسين ( عليه السلام ) هي من أبرز مصاديق وحدة الهدف في تحقيق وحفظ مصلحة الإسلام العُليا ، والتي اتَّسمت بها أدوار أهل البيت ( عليهم السلام ) على رغم تنوِّعها في الطريقة وتباينها الظاهري في المواقف .
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: إمامة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الإثنين سبتمبر 07, 2009 12:21 pm | |
|
إمامة الإمام الحسين ( عليه السلام )
صَرَّح رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالنص على إمامة الإمام الحسين وإمامة أخيه الحسن ( عليهما السلام ) من قَبله ، بقوله ( صلى الله عليه وآله ) : ( اِبناي هَذَان إمَامان قامَا أو قَعدا ) .
ودلَّت وصيَّة الحسن ( عليه السلام ) إليه على إمامته ، كما دلَّت وصية الإمام علي ( عليه السلام ) على إمامته ، بحسب ما دلَّت وصية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) على إمامته من بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
فكانَت إمامة الإمام الحسين ( عليه السلام ) بعد وفاة أخيه ثابتة ، وطاعته - لجميع الخَلق - لازِمَة ، وإنْ لم يَدعُ ( عليه السلام ) إلى نفسه للتقيَّة التي كان عليها ، والهُدْنة الحاصلة بينه وبين معاوية بن أبي سفيان ، فالتزم الوفاء بها .
فلمَّا مات معاوية ، وانقضَتْ مُدَّة الهُدْنة التي كانت تمنع الإمام الحسين ( عليه السلام ) من الدعوة إلى نفسه .
وعَلم الإمام الحسين ( عليه السلام ) بما بعثه يزيد إلى واليه في المدينة الوليد بن عتبة ، من أخذ البيعة من أهل المدينة له ، وقد أرفَقَ كتابه بصحيفة صغيرة فيها : خُذ الحسين ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وعبد الله بن الزبير ، بالبيعة ، أخذاً شديداً ، ومن أبَى فاضرب عنقه ، وأبعث إليَّ برأسه .
فعندها أظهر ( عليه السلام ) أمره بحسب الإمكان ، وأبَانَ عن حقِّه للجاهلين به حالاً بحالٍ .
إلى أن اجتمع له في الظاهر الأنصار ، فدعا الإمام ( عليه السلام ) إلى الجهاد ، وشمَّر للقتال ، وتوجَّه بوُلدِه وأهل بيته من حَرم الله ورسوله نحو العراق ، للاستنصار بِمَن دعاه من شيعته على الأعداء .
وقد أوصى الإمام الحسين ( عليه السلام ) قَبل خروجه من المدينة إلى مَكة ، فَبيَّن مَغزَى قيامه ، والدعوة إلى نفسه .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( بِسْمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيم ، هَذا مَا أوصَى به الحُسين بن علي ( عليهما السلام ) إلى أخِيه مُحمَّد بن الحَنَفيَّة ، أنَّ الحسين يشهدُ أنْ لا إله إلاَّ الله ، وَحدَهُ لا شريك له ، وأنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه ، جَاء بالحقِّ من عنده .
وأنَّ الجنَّة حَقٌّ ، والنَّار حَقٌّ ، والسَّاعة آتيةٌ لا ريب فيها ، وأنَّ الله يبعثُ من في القبور .
وإنِّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً ، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً ، وإنَّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أمَّة جَدِّي ( صلى الله عليه وآله ) .
أريدُ أنْ آمُرَ بالمعروفِ وأنْهَى عنِ المنكر ، وأسيرُ بِسيرَةِ جَدِّي ، وأبي علي بن أبي طَالِب ، فَمَنْ قَبلني بقبول الحق فالله أولى بالحقِّ ، ومن ردَّ عليَّ هذا أصْبِرُ حتى يقضيَ اللهُ بيني وبين القوم ، وهو خَيرُ الحاكِمين ) .
وكانتْ مُدَّة خلافته بعد أخيه ( عليهما السلام ) إحْدَى عشرة سنة .
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: رد: ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) الإثنين سبتمبر 07, 2009 8:49 pm | |
|
خروج سفير الإمام الحسين ( عليه السلام ) مسلم بن عقيل إلى الكوفة
تتابعت كتب أهل الكوفة إلى الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وهي تحثه على المسير والقدوم إليهم لإنقاذهم من ظلم الأمويِّين وعُنفهم ، وكانت بعض تلك الرسائل تحمِّلُه المسؤولية أمام الله والأمة إن تأخر عن إجابتهم .
ورأى الإمام – قبل كل شيء – أن يختارَ لِلُقيَاهُم سفيراً له ، يُعرِّفه باتجاهاتهم وَصِدقِ نِيَّاتِهم ، فإن رأى منهم نيَّة صادقة ، وعزيمة مُصمَّمة ، فيأخذ البيعة منهم ، ثم يتوجّه إليهم بعد ذلك .
وقد اختار ( عليه السلام ) لسفارتِه ثقتَه وكبيرَ أهلِ بيتِه مسلم بن عقيل ، فاستجاب له عن رِضىً ورغبة ، وَزوَّدَهُ برسالة وهي : ( مِن الحُسينِ بن عَلي إِلى مَن بلغهُ كتابي هذا مِن أوليائِه وَشيعَتِه بالكوفة : سلامٌ عليكم ، أما بعد : فَقَد أتَتْني كُتُبكُم ، وفهمتُ ما ذكرتُم مِن مَحبَّتِكم لِقُدومِي عَليكم ، وأنا بَاعثٌ إِليكم بِأخي وابنِ عَمِّي وثِقتي من أهلي مسلم بن عقيل ، لِيعلمَ لِي كُنْهَ أمْرِكُم ، ويكتبَ إِليَّ بما يَتبَيَّن له من اجتماعِكُم ، فإن كان أمرُكم على ما أتَتْني بِه كُتُبُكم ، وأخبَرَتني به رُسُلُكم ، أسرعتُ القُدومَ إليكُم إِن شَاء اللهُ ، وَالسَّلام ) .
وتَسلَّم مسلم الرسالة ، وغادر مكة ليلة النصف من رمضان ، فَصلَّى في مسجد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، وَطَاف بِضريحِه ، وَودَّع أهله وأصحابه ، وكان ذلك هو الوداع الأخير لهم ، واتَّجهَ صَوبَ العِراق ، واستأجر دَليلين من قَيس يَدُلاَّنَه عَلى الطريق .
وسار مسلم يطوي البيداء ، حتى دخل الكوفة فاختار النزول في بيت المختار الثقفي ، لوثوقه منه بإخلاصه للإمام الحسين ( عليه السلام ) وتفانيه في حبه .
وفتح المختار أبواب داره لمسلم ، وقابله بمزيد من الحفاوة والتكريم ، ودعا الشيعة إلى مقابلته ، فأقبلوا إليه من كُلِّ حَدبٍ وصَوب ، وهم يظهرون لَهُ الولاء والطاعة .
وانثَالَت الشيعةُ على مسلم تبايعه للإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وكانت صيغة البيعة الدعوة إلى كتاب الله وسُنَّة رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، وجهاد الظالمين ، والدفع عن المستضعفين ، وإعطاء المحرومين ، وقِسمَة الغنائم بين المسلمين بالسويَّة ، وَرَد المَظالم إلى أهلها ، ونصرة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
رسالة مسلم للإمام الحسين ( عليه السلام ) : ازداد مسلم إيماناً ووثوقاً بنجاح الدعوة حينما بايعه ذلك العدد الهائل من أهل الكوفة ، فكتب للإمام ( عليه السلام ) يَستَحِثّه فيها على القدوم إليهم برسالة هذا نَصُّها : ( فإنَّ الرائدَ لا يكذب أهله ، وقد بايعني من أهل الكوفة ثمانية عشر ألفا ، فَعجِّل حين يأتيك كتابي ، فإن الناس كُلُّهم معك ، ليس لَهم في آل معاوية رأي وَلا هَوى ) .
أما موقف النعمان بن بشير – والي الكوفة – من الثورة فقد كان موقفاً يتسم باللِّين والتسامح ، وقد اتَّهمَهُ الحزب الأموي بالضعف ، أو التضاعف في حفظ مصلحة الدولة ، والاهتمام بسلامتها ، فأجابهم : لأَنْ أكونَ ضعيفاً وأنا في طاعة الله أحَبُّ إليَّ من أن أكون قوياً في معصية الله ، وما كنتُ لأهتك ستراً ستره الله .
ودافع النعمان عن نفسه بأنه لا يعتمد على أية وسيلة تبعده عن الله ، ولا يسلك طريقاً يتجافى مع دينه ، وقد استبانَ للحزب الأموي ضعف النعمان ، وانهياره أمام الثورة .
اتصال الحزب الأموي بدمشق : قام الحزب الأموي باتصال سريع بحكومة دمشق ، وطلبوا منها اتخاذ الإجراءات الفورية قبل أن يتَّسع نطاق الثورة ، ويأخذ العراق استقلاله ، وينفصل عن التبعية لدمشق .
ومن بين الرسائل التي وفدت على يزيد رسالة عبد الله الحَضْرَمي التي جاء فيها : ( أما بعد : فان مسلم بن عقيل قدم الكوفة ، وبايعته الشيعة للحسين بن علي ، فإن كان لك بالكوفة حاجة فابعث إليها رجلاً قويا ينفذ أمرك ، ويعمل مثل عملك في عدوك ، فإن النعمان بن بشير رجلٌ ضعيف ، أو هو يَتَضعَّف ) .
فكتب يزيد إلى عبيد الله بن زياد والي البصرة هذه الرسالة : ( أما بعد : فإنه كتب إليَّ شيعتي من أهل الكوفة يُخبرونني أن ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع لِشَقِّ عصا المسلمين ، فَسِرْ حين تقرأُ كتابي هذا حتى تأتي الكوفة ، فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة ، حتى تثقفه فتوثقه ، أو تقتله ، أو تنفيه ، والسلام ) .
فأمر يزيد بِتَولِيةِ عبيد الله بن زياد على الكوفة بدلاً من النعمان بن بشير .
وفي اليوم الثاني لِوصولِه إلى الكوفة خَرجَ مُتقلِّداً سيفه ، ومعتمّاً بعمامة ، فاعْتَلى أعوادَ المنبر وخطب الناس ، فقال : ( أما بعد : فان أمير المؤمنين ولاَّني مِصرَكُم وثغركم وفيئكم ، وأمرني بإنصاف مَظلومكم ، وإعطاء محرومكم ، وبالإحسان إلى سامعكم ومطيعكم ، وبالشدة على مُريبكم ، فأنا لِمُطيعكم كالوالد البرَّ الشفيق ، وسيفي وسوطي على من ترك أمري وخالف عهدي .
ولم يُعرِّض في خطابه للإمام الحسين وسفيره مسلم ( عليهما السلام ) ، وذلك خوفاً من انتفاضة الجماهير عليه وهو بعد لم يَحكُم أمره ، وعمد ابن زياد إلى نشر الإرهاب وإذاعة الخوف .ويقول بعض المؤرخين : إنه لما أصبح ابن زياد بعد قدومه إلى الكوفة صَال وجَال ، وأرعَد وأبرَق ، وأمسك جماعة من أهل الكوفة فقتلهم في الساعة ، وقد عمد إلى ذلك لإِماتَةِ الأعصاب ، وَصَرف الناس عن الثورة .
وفي اليوم الثاني أمر بجمع الناس في المسجد وخرج إليهم بِزيٍّ غير ما كان يخرج به ، فخطب فيهم خطاباً عنيفا تَهدَّد فيه وتوعَّد ، فقد قال بعد حمد الله والثناء عليه : ( فإنه لا يُصلح هذا الأمر إلا في شِدَّة من غير عنف ، ولِينٍّ من غير ضعف ، وأن آخذ البريء بالسقيم، والشاهِد بالغائب ، والوَلي بالوالي ) .
وبعد أن علم الطاغية بواسطة جواسيسه بأن هانئ بن عروة هو العضو البارز في الثورة وأن مسلم قد غَيَّر مكانه من دار المختار إلى دار هانئ ، وأن هانئ يقوم بِدَورٍ فعَّال في دعم الثورة ومساندتها بجميع قدراته ، وعرف ابن زياد بأن دار هانئ أصبحت مركزاً عامّاً للشيعة ، ومَقَرّاً لمسلم بن عقيل ، لم يقم ابن زياد بكبس وتطويق دار هانئ ، وأحجم عن ذلك لعجزه عسكرياً ، وعدم مقدرته على فتح باب الحرب .
فإن دار هانئ مع الدُور التي كانت محيطة بها كانت تضم أربعة آلاف مقاتل مِمَّن بايعوا مسلماً ، بالإضافة إلى أتباع هانئ ومكانته المَرمُوقة في الكوفة ، فلهذا لم يستطع ابن زياد من القيام بشيء نظراً للمضاعفات السيئة .
رسل الغدر : أنفق ابن زياد لياليه ساهراً يطيل التفكير ، ويطيل البحث مع حاشيته في شان هانئ ، فهو أعزُّ من في المصر ، وأقوى شخصية يستطيع القيام بحماية الثورة ، فإذا قضى عليه فقد استأصل الثورة من جذورها .
وقد اتفق رأيهم على إبلاغ هانئ برغبة ابن زياد بزيارته ، وشكَّلوا وفداً لدعوته إلى قصر الإمارة ، فحضر معهم إلى القصر .
وبعد مشَادَة كلامية طالبَهُ ابن زياد بتسليم مسلم ، فَسَخرَ منه هانئ وأنكر عليه قائلاً له مقالة الرجل الشريف : لا آتيك بضيفي أبداً ، وعندها سجنه ابن زياد في إحدى غرف القصر .
ولما علم مسلم بما جرى لهانئ بادر لإعلان الثورة على ابن زياد ، لعلمه بأنه سيلقى نفس المصير الذي لاقاه هانئاً .
فأوعز إلى أصحابه ، فاجتمع إليه أربعة آلاف ، وهم ينادون بشعار المسلمين يوم بدر : يا مَنصُور أَمت .
وعندها أوعز الطاغية إلى جماعة من وجوه أهل الكوفة أن يبادروا بِبَثِّ الذعر ونشر الخوف بين الناس ، وترويج الإشاعات الآتية :الأولى : التهديد بجيوش أهل الشام التي ستشيع فيهم القتل والتنكيل إن بقوا مُصرِّين على المعصية والعناد .الثانية : حِرمانَهُم من العطاء .الثالثة : تَجميرهم في مَغَازي أهل الشام ، وَزَجِّهم في سَاحات الحُروب .الرابعة : أنهم إذا أصرّوا على التَمرّد فإن ابن زياد سَيُعلن الأحكام العرفية ، وَيسَوِّسَهم بسياسة أبيه ، والتي تحمل شارات الموت والدمار ، حتى يقضي على جميع ألوان الشغب والعصيان .
وانطلق هؤلاء الجواسيس إلى صفوف جيش مسلم ، فأخذوا يشيعون الخوف ، ويبثّون الأراجيف ، ويظهرون لهم الإشفاق خوفاً عليهم من جيوش أهل الشام القادمة .
فَمُنِي جيشُ مسلم بهزيمة مُخزية لم يَحدث لها نظير في جميع فترات التاريخ ، فقد هَزمَتهُ الدعايات المُضلِّلة من دون أن تكون في قِبالِهِ أيَّة قُوَّة عسكرية ، ولم يمضِ قليل من الوقت حتى انهزم معظم جيش مسلم .
وقد صلَّى بجماعة منهم صلاة العشاء في الجامع الأعظم فكانوا يَفرّون في أثناء الصلاة ، وما أنهى ابن عقيل صلاته حتى انهزموا بأجمعهم ، وقد أمسى وحيداً طريداً مُشرَّداً ، لا مأوى يأوي إليه ، ولا قَلبٌ يعطف عليه .
شهادة مسلم بن عقيل ( عليه السلام ) : طوى مسلم ليلته حزيناً تساوِرُه الهُموم ، وكان – فيما يقول المؤرخون – قد قضى شطراً من الليل في عبادة الله ، ما بين الصلاة وقراءة القرآن .
وقد خفق في بعض الليل ، فرأى عَمَّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، فأخبره بِسرعَةِ اللحَاق به ، فأيقنَ عند ذلك بِدُنُوِّ الأجلِ المحتوم منه .
وقد أصدرت سلطات ابن زياد أمراً تَضمَّنَ ما يأتي :أولاً : الحكم بالإعدام على كل من آوى مسلماً مهما كانت مكانته الاجتماعية .ثانياً : إنَّ دِيَّة مسلم تكون لمن جاء به .ثالثاً : إن من ظَفِر بمسلم تمنحه السلطة عشرة آلاف درهم .رابعاً : إن من يأتي به يكون من المُقرَّبين عند الطاغية يزيد ، وينال ثقته .
وتَمَنَّى أكثر أولئك الأوغاد الظفر بمسلم بين عقيل ، لينالوا المكافأة ، وكذا التَقَرّب إلى يزيد بن معاوية .
وبعد أن جرت معركة غير متكافئة بين مسلم وبين أزلام ابن زياد جُرح فيها مسلم وسقط على الأرض ، فوقع في أسر أعدائه ، وسلَّموه إلى الطاغية ابن زياد ، فأمر بإلقائه من أعلى القصر .
واستقبل مسلم الموت بثغر باسم ، فَصُعِدَ به إلى أعلى القصر ، وكان يسبِّح الله ويستغفره بِكلِّ طُمأنينة ورضا ويقول : ( اللَّهُمَّ احكُمْ بيننا وبَين قَومٍ غَرّونا وَخذلونا ) .
واستُدعِيَ الجَلاَّدُ ، فَضَربَ عُنُقَه ، وَرَمى برأسه وجسدهِ ( عليه السلام ) إلى الأرض ، وسقط مسلم بن عقيل ( عليه السلام ) شهيداً ، دفاعاً عن الحق ، ودفاعاً عن مولاه الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة إلى مكة الإثنين سبتمبر 07, 2009 8:51 pm | |
|
خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من المدينة إلى مكة
تاريخ الخروج: 27 رجب 60 هـ، خرج ركب الإمام الحسين (عليه السلام) نحو مكَّة المكرّمة، وسار معه (عليه السلام) نفر من أهل بيته وأصحابه، وبرفقته نساؤه وأبناؤه، وأخته زينب الكبرى (عليها السلام)، يخترقون قلب الصحراء، ويجتازون كثبان الرمال.
دوافع الخروج: نذكر منها ما يلي: 1ـ استبداد واستئثار الأمويِّين بالسلطة.
2ـ القتل والإرهاب، وسفك الدماء الذي كانت تنفّذه السلطة الأموية.
3ـ العَبَث بأموال الأُمَّة الإسلامية، ممَّا أدَّى إلى نشوء طبقة مترفة على حساب طبقة محرومة.
4ـ الانحراف السلوكي، وانتشار مظاهر الفساد الاجتماعي.
5ـ غياب قوانين الإسلام في كثير من المواقع المُهمَّة، وتحكُّم المِزاج والمصلحة الشخصية.
6ـ ظهور طبقة من وضَّاع الأحاديث والمحرِّفين لسُنَّة النبي (صلى الله عليه وآله)، وذلك لتبرير مواقف السلطة.
هدف الخروج: أشار الإمام الحسين (عليه السلام) في إحدى رسائله إلى الهدف من خروجه بقوله: (وإنِّي لم أخرج أشِراً ولا بَطِراً، ولا مُفسِداً ولا ظَالِماً، وإنَّما خرجتُ لطلب الإصلاح في أُمَّة جَدِّي (صلى الله عليه وآله)، أُريدُ أنْ آمُرَ بالمعروفِ وأنْهَى عنِ المنكر، وأسيرُ بِسيرَةِ جَدِّي، وأبي علي بن أبي طَالِب) (1).
زيارة قبر جدّه (صلى الله عليه وآله): زار الإمام الحسين (عليه السلام) ـ قبل خروجه من المدينة المنوّرة ـ قبر جدِّه رسول الله (صلى الله عليه وآله) زيارة المُودِّع الذي لا يعود.
فقد كان يعلم (عليه السلام) أن لا لقاء له مع مدينة جدِّه (صلى الله عليه وآله)، ولن يزور قبره بعد اليوم، وأنّ اللقاء سيكون في مستقرِّ رحمة الله، وأنَّه لن يلقى جدَّه إلاّ وهو يحمل وسام الشهادة، وشكوى الفاجعة.
فوقف الإمام (عليه السلام) إلى جوار القبر الشريف، فصلَّى ركعتين، ثم وقف بين يدي جدِّه (صلى الله عليه وآله) يُناجي ربَّه قائلاً: (اللَّهُمَّ هَذا قَبْر نَبيِّك مُحمَّدٍ (صلى الله عليه وآله)، وأنَا ابنُ بنتِ نَبيِّك، وقد حَضَرني مِن الأمرِ مَا قد عَلمت، اللَّهُمَّ إنِّي أحِبُّ المَعروف، وأنكرُ المُنكَر، وأنَا أسألُكَ يَا ذا الجَلال والإكرام، بِحقِّ القبرِ ومن فيه، إلاَّ مَا اختَرْتَ لي مَا هُو لَكَ رِضىً، ولِرسولِك رِضَى) (2).
لقاؤه مع السيّدة أم سلمة (رضي الله عنها): قبل خروجه من المدينة التقى بالسيّدة أم سلمة (رضي الله عنها) ليودعها، فقالت: يا بني لا تحزن بخروجك إلى العراق، فإنّي سمعت جدّك (صلى الله عليه وآله) يقول: (يقتل ولدي الحسين بأرض العراق بأرض يقال لها كربلا).
فقال لها: (يا أمّاه وأنا والله أعلم ذلك، وأنّي مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بد، وأنّي والله لأعرف اليوم الذي اقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أدفن فيها، وأعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي، وأن أردت يا أمّاه أريك حفرتي ومضجعي).
ثم قال لها: (يا أمّاه قد شاء الله أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين، وأطفالي مذبوحين مأسورين مظلومين مقيّدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معيناً) (3).
ـــــــــــ
1ـ بحار الأنوار 44/329.
2ـ كتاب الفتوح 5/19.
3ـ لواعج الأشجان: 31.
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من مكة إلى العراق الإثنين سبتمبر 07, 2009 8:54 pm | |
|
خروج الإمام الحسين (عليه السلام) من مكة إلى العراق
تاريخ الخروج: 8 ذو الحجّة (يوم التروية) 60 هـ.
سبب الخروج: على أثر الرسائل الكثيرة التي أرسلها أهل الكوفة إلى الإمام الحسين (عليه السلام)، اِرتأى (عليه السلام) أن يُرسل مبعوثاً عنه إلى الكوفة، فاختار ابن عمّه مُسلم بن عقيل (عليه السلام)، لصلاحه وأهلّيته لهذه المهمّة.
ومنذ وصول مسلم إلى الكوفة بدأ يجمع الأنصار، ويأخذ البيعة للإمام الحسين (عليه السلام)، ويوضِّح أهداف الحركة الحسينية، ويشرح أهداف الثورة لزعماء الكوفة ورجالاتها، فأعلَنَت ولاءَها للإمام الحسين (عليه السلام)، عند ذلك كتب مسلم بن عقيل رسالة إلى الإمام الحسين (عليهما السلام) يَحثُّه بالتوجّه إلى الكوفة، وعندما تسلَّم الإمام الحسين (عليه السلام) الرسالة قرّر التوجّه إلى العراق.
خطبة الإمام الحسين (عليه السلام) ليلة الخروج: قال (عليه السلام): (الحَمدُ للهِ، ومَا شاءَ الله، ولا قُوَّة إلاَّ بالله، وصلّى الله على رسوله، خُطَّ المَوتُ على وِلدِ آدم مخطََّ القِلادَة على جِيدِ الفَتاة، وما أولَهَني إلى أسلافي اشتياقَ يَعقُوبَ إلى يوسف، وخيّر لي مَصرعٌ أنا لاقيه، كأنّي بأوصالي تقطِّعُها عسلان الفلوات بين النَّواوِيسِ وكَربلاء، فيملأن منّي أكراشاً جوفاً، وأجربة سغباً.
لا مَحيصَ عن يوم خُطَّ بالقلم، رِضا الله رِضَانا أهل البيت، نصبر على بلائه، ويوفِّينا أجور الصابرين، لن تشذّ عن رسول الله لَحمته، بل هي مجموعة له في حظيرة القدس، تقرُّ بهم عَينه، وينجزُ بهمْ وَعدَه.
من كان باذلاً فِينَا مهجتَه، وموطِّناً على لِقَاء الله نفسه، فلْيَرْحَل مَعَنا، فإنِّي راحلٌ مُصبِحاً إن شاء الله) (1).
الخروج قبل إتمام الحج: أرسل يزيد بن معاوية (لعنهما الله) عمروا بن سعيد بن العاص من المدينة إلى مكّة في عسكر عظيم، وولاّه أمر الموسم، وأمّره على الحاج كلّهم، وأوصاه بإلقاء القبض على الحسين (عليه السلام) سرّاً، وإن لم يتمكّن منه يقتله غيلة، فلمّا علم الحسين (عليه السلام) بذلك، حلّ من إحرام الحج، وجعلها عمرة مفردة، وعزم على التوجّه إلى العراق، مخافة أن يقبض عليه، أو يقتل غيلة.
النهي عن الخروج: جاءت الشخصيات المعروفة في مكّة إلى الإمام الحسين (عليه السلام) لنهيه عن الخروج إلى العراق، ولكن الإمام (عليه السلام) رفض ذلك.
فمن الذين جاءوا: أبو بكر عمر بن عبد الرحمن المخزومي، فقال له الحسين (عليه السلام): (جزاك الله خيراً يا ابن عم، قد اجتهدت رأيك، ومهما يقض الله يكن).
وجاءه عبد الله بن عباس، فقال له الحسين (عليه السلام): (استخير الله، وانظر ما يكون).
وجاءه أخوه محمّد بن الحنفية قائلاً له: يا أخي أنّ أهل الكوفة قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى، فإن رأيت أن تقيم، فإنّك أعزّ من بالحرم وأمنعه، فقال (عليه السلام): (يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية بالحرم، فأكون الذي يستباح به حرمة هذا البيت).
وجاءه عبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وغيرهما، والحسين (عليه السلام) يقول لهم: (وأيم الله لو كنت في جحر هامّة من هذه الهوام لاستخرجوني حتّى يقتلوني، والله ليعتدن عليّ كما اعتدت اليهود في السبت، والله لا يدعوني حتّى يستخرجوا هذه العلقة من جوفي، فإذا فعلوا ذلك سلّط الله عليهم من يذلّهم، حتّى يكونوا أذلّ من فرام المرأة) (2).
كيفية الخروج: روى عبد الله بن سنان الكوفي، عن أبيه، عن جدّه، أنّه قال: خرجت بكتاب من أهل الكوفة إلى الحسين (عليه السلام)، وهو يومئذ بالمدينة، فأتيته فقرأه فعرف معناه فقال: أنظرني إلى ثلاثة أيّام، فبقيت في المدينة ثم تبعته إلى أن صار عزمه بالتوجّه إلى العراق، فقلت في نفسي أمضي وأنظر إلى ملك الحجاز كيف يركب، وكيف جلالة شأنه؟ فأتيت إلى باب داره فرأيت الخيل مسرّجة، والرجال واقفين، والحسين (عليه السلام) جالس على كرسي، وبنو هاشم حافّون به، وهو بينهم كأنّه البدر ليلة تمامه وكماله، ورأيت نحواً من أربعين محملاً، وقد زيّنت المحامل بملابس الحرير والديباج.
قال: فعند ذلك أمر الحسين (عليه السلام) بني هاشم بأن يركبوا محارمهن على المحامل، فبينما أنا أنظر وإذا بشاب قد خرج من دار الحسين (عليه السلام) وهو طويل القامة، وعلى خدّه علامة، ووجهه كالقمر الطالع، وهو يقول: (تنحّوا يا بني هاشم)! وإذا بامرأتين قد خرجتا من الدار، وهما تجرّان أذيالهما على الأرض حياء من الناس، وقد حفّت بهما إماؤهما، فتقدّم ذلك الشاب إلى محمل من المحامل وجثى على ركبتيه، وأخذ بعضديهما وأركبهما المحمل، فسألت بعض الناس عنهما فقيل: أمّا إحداهما فزينب، والأُخرى أُم كلثوم بنتا أمير المؤمنين.
فقلت: ومن هذا الشاب؟ فقيل لي: هو قمر بني هاشم العباس بن أمير المؤمنين، ثم رأيت بنتين صغيرتين كأنّ الله تعالى لم يخلق مثلهما، فجعل واحدة مع زينب، والأُخرى مع أُم كلثوم، فسئلت عنهما، فقيل لي: هما سكينة وفاطمة بنتا الحسين (عليه السلام).
ثم خرج غلام آخر كأنّه البدر الطالع، ومعه امرأة، وقد حفّت بها إماؤها، فأركبها ذلك الغلام المحمل، فسألت عنها وعن الغلام، فقيل لي: أمّا الغلام فهو علي الأكبر ابن الحسين (عليه السلام)، والمرأة أُمّه ليلى زوجة الحسين (عليه السلام).
ثم خرج غلام ووجهه كفلقة القمر، ومعه امرأة، فسألت عنها؟ فقيل لي: أمّا الغلام فهو القاسم بن الحسن المجتبى، والمرأة أُمّه.
ثم خرج شاب آخر وهو يقول: (تنحّوا عنّي يا بني هاشم! تنحّوا عن حرم أبي عبد الله)، فتنحّى عنه بنو هاشم، وإذا قد خرجت امرأة من الدار وعليها آثار الملوك، وهي تمشي على سكينة ووقار، وقد حفّت بها إماؤها، فسألت عنها؟ فقيل لي: أمّا الشاب فهو زين العابدين ابن الإمام، وأمّا المرأة فهي أُمّه شاه زنان بنت الملك كسرى زوجة الإمام، فأتى بها وأركبها على المحمل، ثم اركبوا بقية الحرم والأطفال على المحامل.
فلمّا تكاملوا نادى الإمام (عليه السلام): (أين أخي، أين كبش كتيبتي، أين قمر بني هاشم)؟ فأجابه العباس: (لبيك لبيك يا سيّدي)! فقال له الإمام (عليه السلام): (قدّم لي يا أخي جوادي)، فأتى العباس بالجواد إليه وقد حفّت به بنو هاشم، فأخذ العباس بركاب الفرس حتّى ركب الإمام، ثم ركب بنو هاشم، وركب العباس وحمل الراية أمام الإمام (3).
ـــــــــ
1ـ مثير الأحزان: 29.
2ـ أُنظر: لواعج الأشجان: 70.
3ـ موسوعة كلمات الإمام الحسين: 361.
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: شهادة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الإثنين سبتمبر 07, 2009 8:57 pm | |
|
شهادة الإمام الحسين ( عليه السلام )
ولادته ( عليه السلام ) : ولد في الثالث من شعبان 4 هـ بالمدينة المنوّرة .
ألقابه ( عليه السلام ) : الرشيد ، الطيّب ، السيّد ، الزكي ، المُبارك ، التابع لمرضاة الله ، الدليل على ذات الله ، السبط ، سيّد شباب أهل الجنّة ، سيّد الشهداء ، أبو الأئمّة .
حروبه ( عليه السلام ) : شارك ( عليه السلام ) مع أبيه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في حرب الجمل وصفّين والنهروان ، وكان ( عليه السلام ) قائداً معركة كربلاء .
مدة عمره وإمامته ( عليه السلام ) : عمره 57 سنة ، وإمامته 11 سنة .
شهادته ( عليه السلام ) : استشهد في العاشر من المحرّم 61 هـ بأرض كربلاء المقدّسة .
سبب شهادته ( عليه السلام ) : قتل ( عليه السلام ) شهيداً في معركة كربلاء ، وهو يدافع عن دين جدِّه محمّد ( صلى الله عليه وآله ) .
ليلة الشهادة : قضى الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ( رضوان الله عليهم ) ليلة العاشر من المحرَّم بالصلاة والدعاء ، وقراءة القرآن ، وكان لهم دويٌّ كدوي النحل ، كما كانوا يصلحون سيوفهم ورماحهم ، استعداداً لِلِقاء الله تعالى .
يوم الشهادة : طلب الإمام الحسين ( عليه السلام ) في صباح اليوم العاشر ـ إتماماً للحُجَّة على أعدائه ـ من جيش يزيد ، أن ينصتوا إليه لكي يكلِّمهم ، إلاَّ أنَّهم أبوا ذلك ، وعلا ضجيجهم ، وفي النهاية سكتوا ، فخطب فيهم معاتباً لهم على دعوتهم له ، وتخاذلهم عنه .
كما حدّثهم ( عليه السلام ) بما سيقع لهم بعد قتله على أيدي الظالمين ، من ولاة بني أُمية ، ممَّا عهد إليه من جدِّه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأبيه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، وهو ما تحقَّق فعلاً .
وخصَّ في ذلك عمر بن سعد ، الذي كان يزيد يمنِّيه بجعله والياً على الري وجرجان ، بأنَّ حلمه ذاك لن يتحقّق ، وأنَّه سوف يُقتل ، ويرفع رأسه على الرمح .
خطبته ( عليه السلام ) يوم العاشر : عاد الإمام الحسين ( عليه السلام ) مرة أُخرى على ظهر فرسه ، ووقف أمام الجيش الأموي ، وخاطبهم قائلاً : ( أمَّا بَعد ، فانسبونِي فانظُروا مَن أنَا ؟ ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، فانظروا هَلْ يحلُّ لَكُم قتلي ؟ وانتهاكُ حُرمتي ؟
ألسْتُ ابن بنتِ نبيِّكم ( صلى الله عليه وآله ) ، وابن وصيِّه وابن عمِّه ، وأوَّل المؤمنين بالله ، والمصدِّق لِرسولِه بما جاء من عند رَبِّه ؟ أوَ ليس حمزة سَيِّد الشهداء عَمّ أبي ؟ أو ليسَ جَعفر الشهيد الطيَّار ذو الجناحين عَمِّي ؟ أوَ لَمْ يَبلُغْكُم قول مُستفيض فيكم : أنَّ رسولَ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) قال لي ولأخي : هَذان سَيِّدا شَبَاب أهل الجنّة ... ) (1) .
فلم يستجب له أحد ، ثمَّ خاطبهم ( عليه السلام ) قائلاً : ( أمَا تَرونَ سَيفَ رَسولِ الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ولاَمَةَ حَربِه وعمَامتَه عليَّ ) ؟ قالوا : نعم .
فقال ( عليه السلام ) : ( لِمَ تُقاتِلونِي ) ؟ أجابوا : طاعةً للأمير عبيد الله بن زياد .
هجوم الأعداء : استحوذ الشيطان على عمر بن سعد ـ قائد الجيش ـ فوضع سهمه في كبد قوسه ، ثمّ رمى مخيَّم الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وقال : اِشهدُوا أنِّي أوَّل من رمى ، فتبِعَه جنده يُمطرون آل الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بوابل من السهام .
فعظم الموقف على الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، ثمّ خاطب أصحابه قائلاً : ( قُومُوا رَحِمكم الله إلى الموتِ الذي لابُدَّ منه ، فإنّ هذه السهام رُسل القوم إليكم ) (2) ، فلبّوا ( رضوان الله عليهم ) النداء ، وانطلقوا كالأسود يحاربون العدو ، فاستمرت رحى الحرب تدور في ميدان كربلاء .
وبدأ أصحاب الحسين ( عليه السلام ) يتساقطون الواحد تلو الآخر ، وقد أرهقوا جيش العدو ، وأثخنوه بالجراح ، فتصايَح رجال عمر بن سعد : لو استمرَّت الحربُ بَيننا ، لأتوا على آخرنا ، لِنَهجم عليهم مَرَّة واحدة ، ولِنرشُفهُم بالنِبال والحجارة .
واستمرَّ الهجوم والزحف نحو من بقي مع الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وأحاطوا بهم من جهات متعدِّدة ، فتعالت أصوات ابن سعد ونداءاته إلى جيشه ، وقد دخل المعسكر يقتل وينهب ، ويقول : اِحرقوا الخيام .
فضجَّت النساء ، وتصارخ الأطفال ، وعلا الضجيج ، وراحت ألسِنة النار تلتهم المخيَّم ، وسكَّانه يفرُّون فزعين مرعوبين ، فلم يهدأ سعير المعركة ، وراح من بقي من أصحاب الإمام الحسين ( عليه السلام ) وأهل بيته ، يستشهدون الواحد تلو الآخر
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: تابع شهادة الامام الحسين عليه السلام الإثنين سبتمبر 07, 2009 9:00 pm | |
| فاستشهد ولده علي الأكبر وأخوته ، وأبناء أخيه وابن أخته ، وآل عقيل وآل علي ( عليه السلام ) ، مجزَّرين كالأضاحي ، وهم يتناثرون في أرض المعركة .
وكذا بدأ شلاَّل الدم ينحدر على أرض كربلاء ، وصيحات العطش والرعب تتعالى من حناجر النساء والأطفال .
فركب الإمام الحسين ( عليه السلام ) جواده ، يتقدَّمه أخوه العباس ( عليه السلام ) ، وتوجَّه نحو نهر الفرات ، ليحمل الماء إلى العيال ، فحالت حشود العدو دونه ، فأصبح هو في جانب وأخيه في جانب آخر .
وكانت للبطل الشجاع أبي الفضل العباس ( عليه السلام ) صولة ومعركة حامية ، طارت فيها رؤوس ، وتساقطت فرسان ، وهو يصول ويجول في ميدان الجهاد ، بعيداً عن أخيه ، حتّى خرَّ صريعاً سابحاً بدم الشهادة .
وتعلَّق قلب الإمام الحسين ( عليه السلام ) بمخيَّمه ، وما خلَّفت النار والسيوف بأهله وحرمه .
فراح ( عليه السلام ) ينادي ، وقد طوَّقته قوات الأعداء وحالت بينه وبينهم ، فصاح بهم : ( أنَا الَّذي أقاتِلُكم وتقاتلوني ، والنِساء لَيسَ عَليهنَّ جُناح ، فامْنَعوا عُتاتكم وجهّالكم وطغاتكم من التعرُّض لحَرَمي ما دُمتُ حَيّاً ) (3) .
إلاَّ أنَّهم استمرّوا في هجومهم على المخيَّم ، ولم يعبئوا لكلامه ( عليه السلام ) .
فاستمرَّ الهجوم عنيفاً ، والإمام ( عليه السلام ) منهمكاً في قتال أعدائه ، إلى أن سدَّد له أحد الأجلاف سهماً ، واستقرَّ في نحره الشريف ، ثمَّ راحت السيوف والرماح تنزل عليه كالمطر الغزير .
فلم يستطع ( عليه السلام ) مقاومة الألم والنزف ، فوقع على الأرض ، ولم يكفُّوا عنه ، لأنَّ روح الحقد والوحشية التي امتلأَت بها جوانحهم لم تسمح بذلك .
بل راح الملعون شمر بن ذي الجوشن ، يحمل سيفه ليقطع غصناً من شجرة النبوَّة ، وليثكل الزهراء ( عليها السلام ) بأعزِّ أبنائها ، ففصل الرأس الشريف عن الجسد ، ليحمله هدية للطاغية يزيد .
ذلك الرأس الَّذي طالما سجد لله ، وحمل اللِّسان الذي ما فتئ يردّد ذكر الله ، وينادي ( عليه السلام ) : ( لا أعطِيكُم بِيَدي إِعطَاء الذليل ، ولا أقرُّ إِقرَار العبيد ) (4) ، الرأس الذي حمل العزَّ والإباء ، ورفض أن ينحني للعتاة أو يطأطأ جبهته للظالمين .
ثمّ حلّ السكون على أرض كربلاء الطاهرة ، فأتت العقلية زينب الكبرى ( عليها السلام ) إلى الميدان حتّى وقفت على جسد أخيها الحسين ( عليه السلام ) ، ثمّ قالت : ( اللهم تقبّل منّا هذا القربان ) .
جزاء قاتلي الإمام الحسين ( عليه السلام ) : حكي عن السدِّي قال : أضافني رجل في ليلة كنت أحبُّ الجليس ، فرحَّبت به وأكرمته ، وجلسنا نتسامر وإذا به ينطلق بالكلام كالسيل إذا قصد الحضيض .
فطرقت له فانتهى في سمره إلى طفِّ كربلاء ، وكان قريب العهد من قتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، فتأوَّهت وتزفَّرت ، فقال : ما لك ؟ قال السدِّي : ذكرت مصاباً يهون عنده كلّ مصاب .
قال الرجل : أما كنت حاضراً يوم الطفِّ ؟ قال السدِّي : لا والحمد لله .
قال الرجل : أراك تحمد ، على أيِّ شيء ؟!! قال السدِّي : على الخلاص من دم الحسين ( عليه السلام ) لأنَّ جدَّه ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( إنّ مَن طُولِبَ بدم ولدي الحسين يوم القيامة لخفيف الميزان ) .
قال الرجل : هكذا قال جدّه ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال السدِّي : نعم ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( ولدي الحسين يقتل ظلماً وعدواناً ، أَلا ومن قتله يدخل في تابوت من نار ، ويعذَّب بعذاب نصفِ أهل النار ، هو ومن شايع وبايع أو رضي بذلك ، كُلَّما نضجت جلودهم بُدِّلوا بجلود غيرها ليذوقوا العذاب ، فالويل لهم من عذاب جهنَّم ) .
قال الرجل : لا تصدِّق هذا الكلام يا أخي ؟ قال السدِّي : كيف هذا وقد قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( لا كَذِبتُ وَلا كُذِّبتُ ) .
قال الرجل : ترى قالوا : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( قاتل ولدي الحسين لا يطول عمره ، وها أنا وحقّك قد تجاوزت التسعين مع أنّك ما تعرفني ) ، قال السدي : لا والله .
قال الرجل : أنا الأخنس بن زيد ، قال السدِّي : وما صنعت يوم الطف ؟
قال الأخنس : أنا الذي أُمِّرت على الخيل الذين أمرهم عمر بن سعد بوطئِ جسم الحسين بسنابك الخيل ، وهشمت أضلاعه ، وجررت نطعاً من تحت علي بن الحسين وهو عليل حتّى كببته على وجهه ، وخرمت اُذني صفية بنت الحسين ، لقرطين كانا في أذنيها .
قال السدِّي : فبكى قلبي هجوعاً ، وعيناي دموعاً ، وخرجت أُعالج على إهلاكه ، وإذا بالسراج قد ضعفت ، فقمت أزهرها .
فقال : اجلس ، وهو يحكي متعجّباً من نفسه وسلامته ، ومدَّ إصبعه ليزهرها فاشتعلت به ، ففركها في التراب فلم تنطفِ ، فصاح بي : أدركني يا أخي فكببت الشربة عليها وأنا غير محبٍّ لذلك ، فلمّا شمَّت النار رائحة الماء ازدادت قوَّة ، وصاح بي ما هذه النار وما يطفئها ؟!!
قلت : ألقِ نفسك في النهر ، فرمى بنفسه ، فكلَّما ركس جسمه في الماء اشتعلت في جميع بدنه كالخشبة البالية في الريح البارح ، هذا وأنا أنظره ، فو الله الذي لا إله إلاّ هو ، لم تُطفأ حتّى صار فحماً ، وسار على وجه الماء !! (5) .
وروي عن عبد الله بن رباح القاضي أنّه قال : لقيت رجلاً مكفوفاً قد شهد قتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، فسئل عن بصره ، فقال : كنت شهدت قتله عاشر عشرة غير أنّي لم أطعن برمح ، ولم أضرب بسيف ولم أرم بسهم .
فلمّا قُتل ( عليه السلام ) رجعت إلى منزلي وصلَّيت العشاء الآخرة ونمتُ ، فأتاني آتٍ في منامي فقال : أجب رسول الله !! فقلت : ما لي وله ؟
فأخذ بتلابيبي وجرَّني إليه ، فإذا النبي ( صلى الله عليه وآله ) جالس في صحراء ، حاسر عن ذارعيه ، آخذ بحربة ، وملك قائم بين يديه ، وفي يده سيف من نار يقتل أصحابي التسعة ، فكلَّما ضرب ضربة التهبت أنفسهم ناراً !! فدنوت منه وجثوت بين يديه ، وقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فلم يردَّ ( صلى الله عليه وآله ) عليَّ .
ومكث طويلاً ، ثمّ رفع رأسه وقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( يا عدوَّ الله ، انتهكت حرمتي ، وقتلت عترتي ، ولم ترعَ حقِّي ، وفعلت وفعلت ) .
فقلت : يا رسول الله ، ما ضربت بسيف ، ولا طعنت برمح ، ولا رميت بسهم ، فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( صدقتَ ، ولكنّك كثّرت السواد ، أُدنُ مِنِّي ) ، فدنوت منه ، فإذا بطشت مملوء دماً .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) لي : ( هذا دم ولدي الحسين ) ، فكحَّلني من ذلك الدم ، فاحترقت عيناي ، فانتبهت لا أبصر شيئاً (6) .
ورؤِي رجل بلا يدين ولا رجلين ، وهو أعمى يقول : ربِّي نجِّتي من النار ، فقيل له : لم يبقَ عليك عقوبة ، وأنت تسأل النجاة من النار ؟!
قال : إنّي كنت فيمن قاتل الحسين ( عليه السلام ) في كربلاء ، فلمّا رأيت عليه سراويل وتكَّة حسنة ، فأردت أن أنتزع التكَّة ، فرفع يده اليمنى ووضعها على التكَّة ، فلم أقدر على رفعها ، فقطعت يمينه ( عليه السلام ) .
ثمّ أردت أنتزاع التكَّة فرفع شماله ووضعها على التكّة ، فلم أقدر رفعها فقطعت شماله ( عليه السلام ) ، ثمّ هممت بنزع السراويل ، فسمعت زلزلة فخفت وتركته ، فألقى الله عليَّ النوم فنمت بين القتلى .
فرأيت كأنَّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) أقبل ، ومعه علي وفاطمة والحسن ( عليهم السلام ) ، فأخذوا رأس الحسين ( عليه السلام ) فقبّلته فاطمة ( عليها السلام ) وقالت : ( يا بني قتلوك !! قتلهم الله ) .
وكأنَّه ( عليه السلام ) يقول : ( ذَبَحَنِي شمرٌ ، وقطع يدي هذا النائم ) ، وأشار إليَّ ، فقالت لي فاطمة ( عليها السلام ) : ( قَطعَ الله يديكَ ورجليكَ ، وأعمى بصرك ، وأدخلك النار ) .
فانتبهت وأنا لا أبصر شيئاً ، ثمَّ سقطت يداي ورجلاي ، فلم يبقَ من دعائها إلاّ النار (7) .
ـــــــــ
1ـ مقتل الحسين : 117 .
2ـ أعيان الشيعة 1 / 603 .
3ـ المصدر السابق 1 / 609 .
4ـ مقتل الحسين : 118 .
5ـ مدينة المعاجز 4 / 95 .
6ـ المصدر السابق 4 / 101 .
7ـ بحار الأنوار 45 / 311 .
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: خروج سبايا الإمام الحسين ( عليه السلام ) من كربلاء إلى الكوفة (1 الإثنين سبتمبر 07, 2009 9:02 pm | |
|
خروج سبايا الإمام الحسين ( عليه السلام ) من كربلاء إلى الكوفة (1)
تاريخ الخروج : تحرَّك موكب سبايا أهل البيت ( عليهم السلام ) من كربلاء المقدّسة نحو مدينة الكوفة في الحادي عشر من المحرّم 61 هـ .
كيفية الخروج : حمل جيش عمر بن سعد السبايا على أحلاس أقتاب الجمال بغير وطاء ولا غطاء ، وساقوهم كما يساق سبي الترك والروم في أشد المصائب ، وتتقدّمهم الرؤوس على الرماح ، ولله در قائله :
يصلى على المبعوث من آل هاشم ** ويغزى بنوه أن ذا لعجيب
وقال آخر :
أترجو أُمّة قتلت حسيناً ** شفاعة جدّه يوم الحساب
اقتسمت القبائل الرؤوس لتأتي بها إلى ابن زياد : كانت رؤوس أهل بيت الحسين ( عليه السلام ) وأصحابه ثمانية وسبعين رأساً ، فاقتسمتها القبائل لتقرب بذلك إلى عبيد الله بن زياد وإلى يزيد بن معاوية ( لعنهما الله ) .
فجاءت كندة بثلاثة عشر رأساً ، وصاحبهم قيس بن الأشعث ، وجاءت هوازن باثني عشر رأساً ، وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن ، جاءت تميم بسبعة عشر رأساً ، وجاءت بنو أسد بستة عشر رأساً ، وجاءت مذحج بسبعة رؤوس ، وجاء باقي الناس بثلاثة عشر رأساً .
الأسرى من الرجال : كان مع النساء الإمام علي بن الحسين ( عليهما السلام ) ، وقد كان مريضاً ، والحسن بن الحسن المثنى ، وقد أثخن بالجراح ، وروي أنّه قاتل بين يدي الحسين ( عليه السلام ) في ذلك اليوم ، وأصابه ثمانية عشر جراحة فوقع ، فأخذه خاله أسماء بن خارجة فحمله إلى الكوفة ، وداواه حتّى برء ، وحمله إلى المدينة .
وكان معهم أيضاً زيد وعمرو ولدا الإمام الحسن ( عليه السلام ) .
ـــــــــ
1ـ أُنظر : اللهوف في قتلى الطفوف : 84 .
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: خروج سبايا الإمام الحسين ( عليه السلام ) من الكوفة إلى الشام الإثنين سبتمبر 07, 2009 9:04 pm | |
|
خروج سبايا الإمام الحسين ( عليه السلام ) من الكوفة إلى الشام
تقدَّم رأسُ الحسين ( عليه السلام ) رؤوس الكوكبة التي خلَّفت أجسادها في صحراء الطف ، وراحت القافلة تخترق الصحاري متوجهة إلى دمشق .
وسارت خلف الرأس الشريف زينب ( عليها السلام ) بطلة كربلاء ، وقد تسلَّمت مَهامَّ الثورة الحسينية ضِدَّ الطُغاة ، وهي مِهمَّة الجهاد بالكلمة لا بالسيف .
فالتحق ركب النساء والأطفال برفقة الإمام السجاد ( عليه السلام ) ، الذي وضعت بِيَدِه السلاسل ، وجُمِعت إلى عنقه ، وحملوا جميعاً على اقتاب الإبل التي كانت بغير وطاء ، وكان ذلك في التاسع عشر من شهر المحرم ، في سنة ( 61 هـ ) .
فالتحقوا بموكب الرؤوس الذي سَبَقهم في المسير ، وراحوا يسيرون سواءً إلى جَنب رأس الحسين ( عليه السلام ) نحو الشام ، بناءً على الأوامر التي صدرت من يزيد بن معاوية إلى ابن زياد .
حَيثُ كَتب إليه رسالة جاء فيها : سَرِّح الأُسَارى إليَّ .
لأنَّه هذه المرة أراد أن ينُفِّس عن حِقْده ، برؤية عائلة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تقِفُ أمامه ، وهي في القيود والسلاسل
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: دفن الإمام الحسين ( عليه السلام ) وباقي شهداء الطف الإثنين سبتمبر 07, 2009 9:05 pm | |
|
دفن الإمام الحسين ( عليه السلام ) وباقي شهداء الطف
بعد واقعة الطف : بقيت جثّة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، وجثث أهل بيته وأصحابه بعد واقعة الطف مطروحة على أرض كربلاء ، ثلاثة أيّام بلا دفن ، تصهرها حرارة الشمس المحرقة ، قال أحد الشعراء حول مصرع الإمام الحسين ( عليه السلام ) :
هذا حسين بالحديد مقطّع ** متخضّب بدمائه مستشهد
عار بلا كفن صريع في الثرى ** تحت الحوافر والسنابك مقصد
والطيّبون بنوك قتلى حوله ** فوق التراب ذبائح لا تلحد (1) .
قبيلة بني أسد : قبيلة تعيش أطراف كربلاء ، خرج رجالها يتفحَّصون القتلى ، ويتتبَّعون أنباء الواقعة بعد رحيل جيش عمر بن سعد إلى الكوفة ، فلمّا نظروا إلى الأجساد وهي مقطّعة الرؤوس ، تحيّروا في دفنها ، فبينما هم كذلك جاء الإمام زين العابدي ( عليه السلام ) بمعجزة طي الأرض إلى أرض كربلاء .
كيفية الدفن : قال السيّد المقرّم : ( ولمّا أقبل السجّاد ( عليه السلام ) وجد بني أسد مجتمعين عند القتلى متحيّرين لا يدرون ما يصنعون ، ولم يهتدوا إلى معرفتهم ، وقد فرق القوم بين رؤوسهم وأبدانهم ، وربما يسألون من أهلهم وعشيرتهم ! فأخبرهم ( عليه السلام ) عمّا جاء إليه من مواراة هذه الجسوم الطاهرة ، وأوقفهم على أسمائهم ، كما عرّفهم بالهاشميين من الأصحاب فارتفع البكاء والعويل ، وسالت الدموع منهم كل مسيل ، ونشرت الأسديات الشعور ولطمن الخدود .
ثم مشى الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) إلى جسد أبيه واعتنقه وبكى بكاءً عالياً ، وأتى إلى موضع القبر ورفع قليلاً من التراب فبان قبر محفور وضريح مشقوق ، فبسط كفّيه تحت ظهره وقال : ( بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله ، صدق الله ورسوله ، ما شاء الله لا حوّل ولا قوّة إلاّ بالله العظيم ) ، وأنزله وحده لم يشاركه بنو أسد فيه ، وقال لهم : ( إنّ معي من يعينني ) ، ولمّا أقرّه في لحده وضع خدّه على منحره الشريف قائلاً :
( طوبى لأرض تضمّنت جسدك الطاهر ، فإنّ الدنيا بعدك مظلمة ، والآخرة بنورك مشرقة ، أمّا الليل فمسهّد ، والحزن سرمد ، أو يختار الله لأهل بيتك دارك التي فيها أنت مقيم ، وعليك منّي السلام يا ابن رسول الله ورحمة الله وبركاته ) .
وكتب على القبر : ( هذا قبر الحسين بن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، الذي قتلوه عطشاناً غريباً ) .
ثم مشى إلى عمّه العباس ( عليه السلام ) فرآه بتلك الحالة التي أدهشت الملائكة بين أطباق السماء ، وأبكت الحور في غرف الجنان ، ووقع عليه يلثم نحره المقدّس قائلاً : ( على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم ، وعليك منّي السلام من شهيد محتسب ورحمة الله وبركاته ) .
وشق له ضريحاً وأنزله وحده كما فعل بأبيه الشهيد ، وقال لبني أسد : ( إنّ معي من يعينني ) ! نعم ترك مساغاً لبني أسد بمشاركته في مواراة الشهداء ، وعيّن لهم موضعين وأمرهم أن يحفروا حفرتين ، ووضع في الأُولى بني هاشم ، وفي الثانية الأصحاب وأمّا الحر الرياحي فأبعدته عشيرته إلى حيث مرقده الآن ) (2) .
وبعدما أكمل الإمام ( عليه السلام ) دفن الأجساد الطاهرة ، عاد إلى الكوفة والتحق بركب السبايا .
ـــــــــ
1ـ بحار الأنوار 45 / 277 .
2ـ مقتل الحسين : 320 .
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: حركة التوابين كانت للانتقام من قتلة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الإثنين سبتمبر 07, 2009 9:24 pm | |
|
حركة التوابين كانت للانتقام من قتلة الإمام الحسين ( عليه السلام )
مقدمة : كانت الكوفة بعد واقعة كربلاء تتحسس أكثر من غيرها ثقل الذنب ومرارة الندم ، باعتبارها طرفاً مباشراً ومسؤولاً في قضية الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
فهي التي ألحت عليه بالخروج إلى أرض الثورة التي تتعطش إلى قائدها المنتظر ، ثم تقاعست في أحرج الظروف عن الالتزام بما وعدت به ، والوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسها .
وإذا كانت الأحداث التي تلاحقت بصورة مفاجئة بُعَيد تحركه ( عليه السلام ) من الحجاز قد حالت دون القيام بواجبها وتنفيذ مخططها المرسوم ، فإن ذلك لم يكن لِيُخَفِّف عنها عمق المأساة ، لأنها افتقدت بمصرعه ( عليه السلام ) الشخصية الأكثر جَدَارة ، التي وضعت فيها الشيعة كل آمالها وطموحها للوصول إلى الحكم .
تشكيل الحركة : أخذ أنصار الثورة الحسينية ، يجتمعون بعد مقتله ( عليه السلام ) مباشرة في إطار من السرِّية التامة .
وعند الاجتماع يعقدون مناقشات أشبَهَ ما تكون بالنقد الذاتي ، وذلك لمحاسبة أنفسهم على التقصير الذي أظهروه إزاء الحسين ( عليه السلام ) ، والتشاور على كيفية التكفير عن الذنب ، وغسل العار الذي لحق بهم نتيجة هذا التخاذل .
فقد جاء في تاريخ الطبري : ( لما قُتِل الحسين بن علي تلاقت الشيعة بالتلاوم والتندّم ، ورأت أنها قد أخطأت خطأً كبيراً بدعائهم الحسين إلى النصرة وتركهم إجابته ، ومقتله إلى جانبهم ولم ينصروه ، ورأوا أنه لا يغسل عارهم والإثم عنهم في مقتله ( عليه السلام ) إلا بقتل من قتله أو القتل فيه ) .
فَتزعَّم التحرك الشيعي حينئذٍ خمسة من كبار الزعماء الكوفيين المتقدمين في السن ، الذين ارتبطوا تاريخياً بالحركة الشيعية ، وهم :
1 - سليمان بن صُرد الخزاعي .
2 - المُسَيَّب بن نجبه الفزاري .
3 - عبد الله بن سعد بن نفيل الأزدي .
4 - عبد الله بن وال التميمي .
5 - رفاعة بن شداد البجلي .
وكانوا جميعاً رِفاق الإمام علي ( عليه السلام ) ومن أشدِّ المؤيِّدين له .
فبدأ الزعماء الخمسة يمارسون نشاطهم في الخفاء ، ويبشِّرون بدعوتهم الانتقامية في أوساط الشيعة بعيداً عن مراقبة السلطة وجواسيسها المنتشرين في كل مكان .
فكان أن أثمرت جهودهم ، وشكِّلوا منظمة سرِّية نواتها نحو مِائة معارض ، ولم تلبث حتى تحوَّلت إلى منظَّمة كبرى تحمل اسم ( التوابين ) .
وقد صارت هذه التسمية هي الغالبة على حركة سليمان ورفاقه ، وهي أصلاً منبثقة عن الآية الكريمة التي أصبحت الشعار الرئيسي لهم وهي قوله تعالى : ( فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقَتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيْمُ ) البقرة : 54 .
وكان الاجتماع الأول الذي ضمَّ هؤلاء قد عُقد في منزل سليمان بن صُرد ، والذي وُصف بأنه صحابي جليل .
وهذا يعطينا فكرة بأنه كان متقدماً في السن ، ورفيع المكانة في مجتمعه ، وربما كان لذلك أثر في تصدّره هذه الحركة ، واحتلاله مركز الزعامة فيها .
فإن المناقشات التي جرت في هذا الاجتماع أظهرت أن المُسيَّب كان من أبرز الخمسة ، وألمَعِهم تفكيراً ، وأكثرِهم عُمقاً .
وكان الاتجاه العام للمناقشات يدور حول التكفير عن الذنب والمخطط الانتقامي الذي يمكن أن يُزيل عنهم الشعور بالإثم ، وذلك في جَوٍّ من الانفعال الشديد .
وكان أول المتكلمين في الاجتماع المُسيَّب بن نجبه ، وبعد أن أنهى كلامه بتشديده على توحيد الصفوف ، ودعوة رفاقه إلى انتخاب رئيسٍ يفزعون إليه ، ويأخذون برأيه ، تَكلَّم بعدئذٍ زعيم آخر هو رفاعة بن شداد .
فأثنى على ما جاء في خُطبةِ المسيَّب ، وأوصى باتِّخاذ سليمان بن صُرد زعيماً للحركة .
البرنامج العام للحركة : يمكن تلخيص البرنامج العام لحركة التوابين بالنقاط الآتية :
1 - الشعور بِهَول المأساة ، وفداحة الإثم .
2 - الإسراع باتخاذ موقف انتقامي من المسؤولين عن مقتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، سواء الأمويين أم المتواطئين معهم .
3 - تجسيد فكرة الاستشهاد ، وذلك بالتنازل عن الأملاك واعتزال النساء .
4 - الإلحاح في طلب التوبة عن طريق التضحية بالنفس .
وانتهى المؤتمر ملتزماً بهذه المقررات الحاسمة ، وملتزماً بزعامة سليمان بن صُرد أكبر الزعماء الخَمسة سِناً ، وأسبقهم في الإسلام ، وأوثقهم علاقة بعلي وأسرته ( عليهم السلام ) ، وأرفعهم شأناً في مكانته القبلية .
وليس ثمة شك أن هذا الاختيار كان موفقاً وفي صالح الحركة ، لأن سليمان كان طرازاً فريداً بين رجالات الكوفة ، شديد الإيمان بالقضية التي رفع شعارها ، مقتنعاً بضرورة الأخذ بمبدأ العنف لتصعيد حركة النضال الشيعي ضد أعدائها الأمويين .
فلم يكن هو أو أحد من رفاقه ساعياً وراء مطلب خاص أو مكسب شخصي ، وإنما كانوا طُلاَّب قضية عامة هدفها أولاً : الانتقام للحسين ( عليه السلام ) ، الذي هو رأس الحركة الشيعية ، ورائدها في تحقيق أمانيها السياسة .
وثانياً : إزاحة الأمويين من السلطة في الكوفة وتحويلها إلى قاعدة للحكم الشيعي الذي ينبغي أن يسود في مختلف أقاليم الدولة .
وهذا يظهر بكل وضوح أن جماعة التوابين لم يطلبوا السلطة للتحكم ، بل لتنفيذ مبدأ عام هو الإسلام .
وكان بنظرهم السكوت عن ذلك وتخليهم عنه يُعتبر خيانة لقضيتهم ، وتخلياً عن حقٍّ شرعي ، وخرقاً لعهد إلهي .
ولا شك في أن هذا التجانس النوعي في صفوف التوابين كان له بعداً خاصاً كَرَّس أكثر فأكثر مفهوم التضحية والفداء .
معركة ( عَين الوَردة ) : فرغت الكوفة من زعماء التوَّابين ، والذين غادروها وهم في ذَروة الحماسة إلى ( النخيلة ) ، وهو المعسكر الذي هرع إليه رفاق آخرون ، اشتركوا معهم في تلك المسيرة النضالية الرائعة ، وذلك لخوض معركة الانتقام البطولي ضد النظام الأموي ، ولضرب ما عبَّروا عنه بقواعد الطغيان والظلم .
تقدم سليمان مع رفاقه في عمق الجزيرة وهو يفكر في تنظيم المقاتلين ، ووضع خطط الاشتباك مع الجيش الأموي الذي أخذ يقترب من المعسكر .
وكانت أهم معالم التكتيك الذي اتبعته القيادة هي تقسيم المقاتلين إلى مجموعات صغيرة ، مُهَمَّتها القيام بهجمات صاعقة على طلائع وأطراف الجيش الأموي للتأثير على العناصر المقاتلة فيه .
وفي هذا الوقت كانت طلائع الجيش الضخم الذي أعدَّه مروان بن الحكم تشقّ طريقها نحو ( قرقيسيا ) بقيادة عبيد الله بن زياد .
وكانت مهمة هذا الجيش تصفية جيوب المعارضة ضد النظام الأموي .
وفي الطريق إلى العراق تسرَّبت معلومات إلى الجيش الأموي عن تحركات التوَّابين باتجاه ( عَين الوَردة ) فَحوَّل ابن زياد خط سيره نحو تَجَمّعاتهم ، ليكونوا أول فريسة له .
ولمّا وصل الجيش الأموي ، أرسل سليمان نائبه المسيَّب بن نجبه على رأس أربعمِائة فارس نحو معسكر الأمويِّين ، وذلك لمَّا علم بتحرك جيش أموي نحو ( عَين الوَردة ) ، فأوقع المسيَّب هزيمة قاسية بالجيش الأموي ، افقدته الكثير من القتلى .
وكانت هذه الهزيمة بمثابة تصعيد عنيف للموقف من جانب الأمويين ، الذين بادروا بإرسال اثني عشر ألفاً من الجنود ، وقد أصبحوا وجهاً لوجه مع التوابين .
وكان ذلك إيذاناً بوقوع الحرب فعلياً ، حين اندفع التوابون من مواقعهم بقيادة سليمان بن صُرد الذين التحموا مع قوات الحصين بن نمير الأموية التي تفوقهم كثيراً في العدد ، وذلك في سنة ( 65 هـ ) ، في ( عَين الوَردة ) .
ويظهر من سير الاشتباكات الأولية أن وضع التوابين – برغم قِلَّتهم العددية – كان معزَّزاً ، ومعنوياتهم في ارتفاع دائم ، أما الحماس فقد بلغ حداً لا يوصف .
والتوابون في الحقيقة لم يتخاذلوا ولم يتخلوا مطلقاً عن إيمانهم بالقضية التي يناضلون في سبيلها ، وإنما ظلوا متماسكين في جبهة واحدة متراصَّة ، ويقاتلون قتالاً بطولياً مُستَميتاً .
حتى أن هَجَماتهم الانتحارية أوقفت بعض الوقت الجنود الأمويين عن التقدم ، وجعلتهم يتحاشون الالتحام المباشر معهم ، فاعتمدوا النبال كسلاح رئيسي وتمكنوا بذلك من إنزال خسائر جسيمة في صفوف التوابين ، مما أدَّى إلى سيطرتهم أخيراً على زمام الموقف .
وبعد مقتل سليمان ، تسلّم راية القيادة نائبه المسيَّب بن نجبه الذي أثبت أنه لا يختلف عن مستوى سليمان في جرأته ، وفي إيمانه العظيم .
وقد سقط المسيَّب بدوره صريعاً في المعركة بعد جهود مُستَميتَة ، وتبعه بقية القوَّاد وعدد كبير من المقاتلين .
وأخيراً : لا يمكن أن نقول بأن هذه الحركة انهزمت أو فشلت عسكرياً ، لأن الفشل والإخفاق لم يكن أمراً مفاجئاً بالنسبة لها .
لذلك توجَّه قادتها وأنصارها إلى المعركة ، وهم يشعرون في قَرارَة أنفسهم أنهم متّجهين إلى نهايتهم المحتومة ، ومحاولين التكفير عن ذنوبهم بالانتقام من قتلة الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، أو الموت في سبيل ذلك .
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: أسباب ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام ) الإثنين سبتمبر 07, 2009 9:25 pm | |
|
أسباب ثورة الإمام الحسين ( عليه السلام )
أحاطت بالإمام الحسين ( عليه السلام ) عِدَّة من المسؤوليات الدينية والواجبات الاجتماعية وغيرها من الأسباب المُحَفِّزَة لثورته ، فدفعته ( عليه السلام ) إلى التضحية والفداء .
وهذه بعض تلك المسؤوليات والواجبات والأسباب :
الأولى : المسؤولية الدينية : لقد كان الواجب الديني يحتم عليه ( عليه السلام ) القيام بوجه الحكم الأموي الذي استحلَّ حُرُمَات الله ، ونكث عهوده وخالف سنة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
الثانية : المسؤولية الاجتماعية : كان الإمام ( عليه السلام ) بحكم مركزه الاجتماعي مسؤولاً أمام الأمة عما مُنِيَت به من الظلم والاضطهاد من قبل الأمويين ، ومن هو أولى بحمايتها وَرَدُّ الاعتداء عنها من غيره .
فنهض ( عليه السلام ) بأعباء هذه المسؤولية الكبرى ، وأدى رسالته بأمانة وإخلاص ، وَضَحَّى ( عليه السلام ) بنفسه وأهل بيته وأصحابه ليعيد عدالة الإسلام وحكم القرآن .
الثالثة : إقامة الحجة عليه ( عليه السلام ) : وقامت الحجة على الإمام ( عليه السلام ) لإعلان الجهاد ، ومحاربة قُوَى البغي والإلحاد .
فقد تواترت عليه الرسائل والوفود من أهل الكوفة ، وكانت تُحَمِّلُه المسؤولية أمام الله إن لم يستجب لدعواتهم المُلِحَّة لإنقاذهم من ظلم الأمويين وَبَغيِهِم .
الرابعة : حماية الإسلام : ومن الأسباب التي ثار من أجلها ( عليه السلام ) هي حماية الإسلام من خطر الحكم الأموي الذي جَهد على مَحْوِهِ ، وقلع جذوره ، فقد أعلن يزيد الكفر والإلحاد بقوله : لَعِبتْ هاشمُ بِالمُلك فَلا خَبَرٌ جاءَ وَلا وَحْيٌ نَزَلْ
وكشف هذا الشعر عن العقيدة الجاهلية التي كان يدين بها يزيد فهو لم يؤمن بوحي ولا كتاب ، ولا جَنَّة ولا نار .
الخامسة : صيانة الخلافة : ومن أَلمع الأسباب التي ثار من أجلها ( عليه السلام ) تطهير الخلافة الإسلامية من أرجاس الأمويين الذين نَزَوا عليها بغير حق .
فلم تعد الخلافة - في عهدهم كما يريدها الإسلام - وسيلة لتحقيق العدل الاجتماعي بين الناس ، والقضاء على جميع أسباب التخلف والفساد في الأرض .
وقد رأى الإمام ( عليه السلام ) أن مركز جَدِّهِ قد صار إلى سِكِّيرٍ مُستَهترٍ لا يَعي إلا شهواته ورغباته ، فثار ( عليه السلام ) ليعيد للخلافة الإسلامية كيانها المُشرِق وماضيها الزاهر .
السادسة : تحرير إرادة الأمة : ولم تملك الأمة في عهد معاوية ويزيد إرادتها واختيارها ، فقد كُبِّلَتْ بقيُودٍ ثقيلة سَدَّت في وجهِهَا منافذ النور والوَعي ، وَحِيلَ بينها وبين إرادتها .
وقد هَبَّ الإمام ( عليه السلام ) إلى ساحات الجهاد والفداء ، لِيُطعِم المسلمين بروح العِزَّة والكرامة ، فكان مقتله ( عليه السلام ) نُقطَةَ تَحَوُّلٍ في تاريخ المسلمين وحياتهم .
السابعة : تحرير اقتصاد الأمة : ومن الأسباب هو انهيار اقتصاد الأمة الذي هو شرايين حياتها الاجتماعية والفردية .
فقد عمد الأمويون إلى نهب الخزينة المركزية ، وقد أعلن معاوية أمام المسلمين أن المال مال الله ، وليس مال المسلمين فهو أحق به ، فثار ( عليه السلام ) ليحمي اقتصاد الأمة ، ويعيد توازن حياتها المعاشية .
الثامنة : المظالم الاجتماعية : انتشرت المظالم الاجتماعية في أنحاء البلاد الإسلامية ، فلم يَعُد قَطَرٌ من الأقطار إلا وهو يَعُجُّ بالظلم والاضطهاد من جَورِهِم .
فهب الإمام ( عليه السلام ) في ميادين الجهاد ليفتح للمسلمين أبواب العزة والكرامة ، ويحطم عنهم ذلك الكابوس المظلم .
التاسعة : المظالم الهائلة على الشيعة : لقد كانت الإجراءات القاسية التي اتخذها الحكم الأموي ضد الشيعة من أسباب ثورته ( عليه السلام ) ، فَهَبَّ لإنقاذهم من واقعهم المَرِير ، وحمايتهم من الجَورِ والظلم .
العاشرة : محو ذكر أهل البيت ( عليهم السلام ) : ومن ألمع الأسباب أيضاً التي ثار من أجلها ( عليه السلام ) هو أن الحكم الأموي قد جهد على محو ذكر أهل البيت ( عليه السلام ) ، واستئصال مَآثِرِهم ومناقبهم ، وقد استخدم معاوية في هذا السبيل أخبث الوسائل .
وكان ( عليه السلام ) يود أن الموت قد وافاه ، ولا يسمعُ سَبَّ أبيهِ ( عليه السلام ) على المنابر والمآذن .
الحادية عشر : تدمير القِيَم الإسلامية : وعَمِدَ الأمويون إلى تدمير القِيَم الإسلامية ، فلم يَعد لها أي ظِلٍّ على واقع الحياة الإسلامية .
الثانية عشر : اِنهيار المجتمع : فقد انهار المجتمع في عصر الأمويين ، وتحلل من جميع القيم الإسلامية ، فثار ( عليه السلام ) ليقضي على التَذَبْذُبِ والانحراف الذي مُنِيتْ بِهِ الأمَّة .
الثالثة عشر : الدفاع عن حقوقه ( عليه السلام ) : وانبرى الإمام ( عليه السلام ) للجهاد دفاعاً عن حقوقه التي نهبها الأمويون واغتصبوها .
وأهمُّها : الخلافة ، لأنه ( عليه السلام ) هو الخليفة الشرعي بمقتضى معاهدة الصلح التي تم الاتفاق عليها ، وعلى هذا فلم تكن بيعة يزيد شرعية .
فلم يخرج الإمام ( عليه السلام ) على إمام من أئمة المسلمين ، كما يذهب لذلك بعض ذوي النزعات الأموية ، وإنما خرج على ظالم مُغتَصِبٍ لِحَقِّهِ .
الرابعة عشر : الأمر بالمعروف : ومن أوْكَد الأسباب التي ثار من أجلها ( عليه السلام ) إقامة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فإنهما من مُقَوِّمَات هذا الدين ، والإمام ( عليه السلام ) بالدرجة الأولى مَسؤُول عَنهُمَا .
وقد أدلى ( عليه السلام ) بذلك في وصيته لأخيه ابن الحنفية ، التي أعلن فيها عن أسباب خروجه على يزيد ، فقال ( عليه السلام ) : ( إِنِّي لَمْ أَخرُجْ أَشِراً وَلا بَطِراً ، وَلا ظَالِماً وَلا مُفسِداً ، وإنما خرجتُ لِطَلَبِ الإِصلاحِ فِي أُمَّةِ جَدِّي ، أُرِيدُ أَن آمُرَ بِالمَعرُوفِ وَأَنهَى عَنِ المُنكَر ) .
الخامسة عشر : إِمَاتَة البِدَع : وعمد الحكم الأموي إلى نشر البِدَع بين المسلمين ، وَالتي لم يُقصَدُ منها إلا مَحْقُ الإِسلام ، وإلحاق الهزيمة به .
وقد أشار ( عليه السلام ) إلى ذلك في رسالته التي بعثها لأهل البصرة : ( فَإِنَّ السُّنَّةَ قَد أُمِيتَتْ وَالبِدْعَةَ قَدْ أُحْيِيَتْ ) .
فقد ثار ( عليه السلام ) ليقضي على البِدَع الجاهلية التي تَبَنَّاهَا الأَمَوِيُّون ، ويحيي سُنَّةَ جَدِّه ( صلى الله عليه وآله ) التي أماتوها ، ولِيَنشرَ رايةَ الإِسلام .
السادسة عشر : العهد النبوي : واستَشَفَّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) من وراء الغيب ما يُمنَى بِهِ الإسلام من الأخطار الهائلة على أيدي الأمويين ، وأنه لا يمكن بأي حال تجديد رسالته وتخليد مبادئه إلا بتضحية ولده الحسين ( عليه السلام ) ، فعهد إليه بالتضحية والفداء .
وقد أدلى الحسين ( عليه السلام ) بذلك حينما عدله المشفقون عليه من الخروج إلى العراق فقال ( عليه السلام ) لهم : ( أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) بِأَمرٍ وَأنَا مَاضٍ إِليه ) .
السابعة عشر : العزة والكرامة : ومن أوثق الأسباب التي ثار من أجلها ( عليه السلام ) هي العزة والكرامة ، فقد أراد الأمويون إِرغامَهُ على الذُل والخنوع ، فَأَبَى ( عليه السلام ) إِلاَّ أن يعيش عَزيزاً ، وقد أعلن ذلك يوم الطفِّ بقوله ( عليه السلام ) : ( أَلا وَإِنَّ الدعِيَّ ابنَ الدعِيَّ قَد رَكزَ بَينَ اثْنَتَيْنِ ، بَينَ السلَّةِ وَالذلَّة ، وهَيْهَات مِنَّا الذلَّة ، يَأبَى اللهُ لَنَا ذَلكَ وَرَسُولُهُ ، وَنُفُوسٌ أَبِيَّةٌ وَأُنُوفٌ حَميَّةٌ مِن أَنْ نُؤثِرَ طَاعَة اللِّئَام عَلى مَصَارِعِ الكِرَام ) .
الثامنة عشر : غدر الأمويين وفتكهم : وأيقن ( عليه السلام ) أن الأمويين لا يتركونه ، ولا تَكفُّ أيديهم عن الغدر والفَتْكِ به حتى لو سَالَمَهُم وبايعهم .
وقد أعلن ( عليه السلام ) ذلك لأخيه محمد بن الحنفية : ( لَو دَخَلتُ فِي حِجرِ هَامَة مِن هَذِهِ الهوَام لاستَخْرَجُونِي حتَّى يَقتُلُونِي ) .
فاختار ( عليه السلام ) أن يُعلنَ الحربَ ويموت مِيتَةً كريمةً تَهزُّ عروشهم ، وَتقضِي على جبروتِهِم وَطُغيَانِهِم .
هذه بعض الأسباب التي حفَّزت الإمام الحسين ( عليه السلام ) إلى الثورة على حكم يزيد .
| |
|
| |
Admin Admin
عدد المساهمات : 299 نقاط : 56200 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 30/08/2009 العمر : 51 الموقع : الموالي لمحمد وآل محمد ( ص)
| موضوع: مدفن رأس الإمام الحسين ( عليه السلام ) الإثنين سبتمبر 07, 2009 9:27 pm | |
|
مدفن رأس الإمام الحسين ( عليه السلام )
بقي الناس إلى يومنا هذا يتساءلون : أين دُفن رأس الإمام الحسين ( عليه السلام ) ؟
وقد كثرت واختلفت في ذلك أقوال المؤرخين في المكان الذي حظي بشرف دفن الرأس الشريف .
ونذكر تلك الأقوال : الأول : في المدينة المنورة : ذهب فريق من المؤرخين إلى أن الرأس الشريف للإمام الحسين ( عليه السلام ) دفنه حاكم المدينة في البقيع إلى جانب أمه فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) كما روي في تذكرة الخواص .
فقد ذكر أنه دفن بالمدينة عند قبر أمه فاطمة ( عليها السلام ) فعندما وصل المدينة كان عمرو بن سعيد بن العاص والياً عليها ، فوضعه بين يديه وأخذ بأرنبة أنفه ثم أمر به ، فكفن ودفن عند أمه فاطمة ( عليها السلام ) .
ويضعف هذا ، أولاً : بأنه مبني على إثبات القول بوصول الرأس إلى المدينة ، وعدم انتقاله في الطريق بين الشام والمدينة إلى كربلاء مع زيارة الأهل للقبور كما سيأتي .
ثانياً : إن الاختلاف قائم على محل دفن سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء ( عليها السلام ) بين منزلها وما بين قبره ومحرابه ( صلى الله عليه وآله ) في المسجد ، وبين دفنها في البقيع ومن دون تحديد المكان .
الثاني : في سوريا : ذهب جمهور من المؤرخين إلى أن الرأس الشريف قد دفن في دمشق بعد وصوله إليها من كربلاء ، إلا أنهم اختلفوا في تحديد المكان الذي دفن فيه .
فمنهم من قال أنه دفن في حائط بدمشق ، ومنهم من قال في دار الإمارة ، ومنهم من قال في المقبرة العامة لدفن المسلمين .
وهناك قول بدفنه في داخل باب الفراديس ، وذلك المكان سمي بـ ( مسجد الرأس ) .
وقولاً آخر أنه في جامع دمشق ، وسمي المكان بـ ( رأس الحسين ) ، ويزوره الناس إلى الآن ، كما أن هناك أقوالاً أٌخر .
وإختلاف الأمكنة المتعددة لمحل الدفن دليل الضعف .
الثالث : في مصر : وذهب بعض المؤرخين إلى أن الرأس الشريف قد حظيت به القاهرة ، وذكر في كيفية نقله إليها قولان :
الأول : وهو ما ذكره الشعراني من أن العقيلة زينب بنت علي ( عليهما السلام ) نقلته إلى مصر ودفنته فيه .
الثاني : وهو ما أفاده المقريزي من أن الرأس نقله الفاطميون من باب الفراديس في دمشق إلى ( عسقلان ) ، ومنها حمل إلى ( القاهرة ) من طريق البحر ، في اليوم العاشر من شهر جمادى الآخرة من سنة ( 548 هـ ) ، وقد قام بذلك سيف المملكة مع القاضي المؤتمن بن مسكين ، أيام المستنصر بالله العبيدي صاحب مصر ، وجرى له استقبال ضخم .
أما القول الأول فهو ضعيف ، ولم يذكره غير الشعراني على أن سفر العقيلة زينب ( عليها السلام ) إلى مصر كان بفترة طويلة بعد عودتها إلى المدينة من سبيها فى الشام ، ولا يعقل أنها احتفظت بالرأس كل تلك المدة لتدفنه بعدئذ في مصر ، ولم تذكر رواية أنها دفنته ومن ثم أخرجته لتنقله معها إلى مصر .
وأما ما نقله المقريزي ، فإنه يتوقف أولاً على إثبات وجود الرأس الشريف في باب الفراديس في المدة الفاصلة بين عام ( 61 هـ – 548 هـ ) ، حتى يصدق أن المنقول هو رأس الحسين ( عليه السلام ) ، وهو غير ثابت حتى وإن ثبت صحة خبر ما قام به الفاطمييون .
الرابع : في فارس : وقد ذكر ذلك أحمد عطية في دائرة المعارف الحديثة ، ولعل المصدر هو ما ورد من أن أبا مسلم الخراساني لما استولى على دمشق ، نقل الرأس الشريف منها إلى مرو ، فدفن بها في دار الإمارة ثم بني عليه رباطاً .
وهو قول شاذ لم يذكره أحد من المؤرخين المعتبرين ولا دليل عليه ، وهو كالقول بنقل الرأس الشريف إلى مصر متوقف على بقاء الرأس في الشام ، وهو غير ثابت حتى يثبت فيما بعد نقله إلى مكان آخر .
الخامس : في النجف : حيث أنه نقلت مجموعة من الأخبار عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) على أن الرأس الشريف دفن في الغري ، ولكن التعبير في بعضها بأنه موضع الرأس ، وهذا لا يدل على أنه قد دفن فيه ، مضافاً إلى ملاحظة أسانيد تلك الروايات .
السادس : في كربلاء : اشتهر هذا القول عند فريق كبير من علماء المسلمين من الفريقين ، فمن أهل السنة ما ذهب اليه الشبراوي ، والقزويني ، وأبو ريحان البيروني ، حيث يقول : في العشرين من صفر رُدَّ الرأس إلى جثته فدفن معها .
وابن الجوزي ، حيث يقول : واختلفوا في الرأس على أقوال ، أشهرها أنه رُدَّ إلى المدينة مع السبايا ، ثم رُدَّ إلى الجسد بكربلاء فدفن معه ، قاله هشام وغيره .
وكما ينقل ابن شهر آشوب في مناقبه من أنه المشهور بين الشيعة ، وينقل رأي السيد المرتضى والشيخ الطوسي .
وقد نص على ذلك علماء الشيعة ومحدثوهم كالمجلسي ، وابن نما ، وذكر السيد ابن طاووس أن عمل الطائفة على ذلك .
وهذا القول هو المشهور والمعروف عندنا الشيعة الإمامية من أن الرأس الشريف قد أعيد إلى كربلاء ودفن مع الجسد الطاهر .
دفن الرؤوس : أما كيفية نقل الرؤوس الشريفة إلى كربلاء ودفنها مع الأجساد الطاهرة فحسبما هو المعروف من أن الامام زين العابدين ( عليه السلام ) طلبها من يزيد وهو أجابه .
وذلك عندما أراد يزيد أن يطلب مرضاة الإمام ( عليه السلام ) ، بعد أن علم الناس واقع الأمر ، بأن المقتول هو الحسين بن بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
وكذلك المسبيات في أنَّهن لَسنَ من الخوارج كما كان يدعي يزيد ، وإنما هن بنات الوحي والرسالة .
فعندها نقموا عليه وكرهوا فعلته ، وصار يزيد يتنصل من ذلك ويضع اللوم على واليه في الكوفة عبيد الله بن زياد في قتله للحسين وأصحابه ، وأنه هو لم يأمرهم بذلك .
وقد خيَّر الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) والعيال بالبقاء في الشام أو الرحيل منها ، وقد أختاروا الرحيل ، فأمر بتجهيز الراحلة مع الدليل ، ومعهم النعمان بن بشير الأنصاري .
فلما وصل الركب إلى مفرق طريقين يؤدي أحدهما إلى العراق والآخر إلى المدينة - وهي منطقة في الحدود بين الشام والأردن والعراق تعرف حتى اليوم باسم ( المفرق ) - سأل الدليل الإمام ( عليه السلام ) إلى أين يتجه بالركب ؟
فسأل الإمام ( عليه السلام ) عمته العقيلة زينب ( عليها السلام ) ، فقالت : قل للدليل يعرج بنا إلى كربلاء لنجدد عهداً بقتلانا وندفن الرؤوس .
فوصل الركب إلى موضع القتل بكربلاء في العشرين من صفر 61 هـ ، أي بعد أربعين يوماً من الواقعة .
وعندها دفن الإمام ( عليه السلام ) الرؤوس مع الأجساد ، ومن ذلك أُثِر عند الشيعة فيما بعد زيارة الحسين ( عليه السلام ) في يوم الأربعين ، وكذلك جلوسهم لقراءة القرآن والترحم على موتاهم بعد مرور أربعين يوماً على وفاتهم .
خاتمة : تناولنا في الصفحات الماضية بعض الأخبار التي نقلها المؤرخون في مواضع دفن رأس الإمام الحسين ( عليه السلام ) .
وقد شيد في أغلب تلك المواضع مزارات يطوف بها المسلمون ، وهي موضع اعتزاز وفخر وتقدير لكل بلد أو مكان حظي بهذه النسبة .
وعلى أَيَّةِ حال من الأحوال وصحة أَيَّةِ رواية من عدمها لتعيين مكان دفن الرأس الشريف فإن الإمام الحسين ( عليه السلام ) قائم في عواطف الناس وقلوبهم ، وفي أعماق النفوس قبره روحاً وجسداً ورأساً .
| |
|
| |
| ولادة الإمام الحسين (عليه السلام) | |
|